بابا .. أنا عاوز عصير
كان هذا صوت إبنه الأكبر – والجالس بينه وبين زوجته – قبل إنطلاق الميكروباص ، رد بإقتضاب "لما نرّوح" ، وعاد مرة أخرى لتساؤلاته التي تؤرقه غير عابيء بصوت إبنه متذمراً " ماهو على طول بيقول كده ومش بيجيب حاجة " ، وهو ماكان يقوله لوالدته الجالسة بجواره ، كان كل ما يشغل تفكيره هو كيف سيتمكن من إنهاء هذا الشهر – المزدحم بالمناسبات – دون أن يمُد يده إلي الأصدقاء والأقارب ، قال لنفسه "أي عصير يتحدث عنه ذلك الأحمق ، ليته يكبر ويتعلم معنى المسئولية " ، نظر إلي وجه زوجته البائس وتذكر أحلامهما ، لعن الحكومة وفرص العمل ثم لعن الإنجاب ثم لعن نفسه ثم سكت ، سريعاً ما جاءه الحل عن طريق إبنه الأصغر - الواقف بين قدميه – والذي قال له " بابا .. خد " ووضع يده في جيبه ، ثم أخرجها وكأنه يطوي مبلغاً من المال .. لكنها كانت خاوية ، وضع اللاشيء بين يدي أبيه ، فأرتسمت علي وجه الأب إبتسامة وأمسك اللاشيء كأنه أمسك بذلك المبلغ ووضعه في جيبه ، وعندما إنحنى ليقبل رأس إبنه الأصغر لاحظ أن إبنه الأكبر قد بدا عليه النعاس وبدأ رأسه في الترنح ، فعدل من وضعها كي تتوسد كتف أمه ، التي كانت قد استسلمت للنوم هي الأخرى ، إرتسمت علي وجه الفتى إبتسامة زادت من راحة أبيه ثم راح في سبات عميق ، في الوقت الذي كان إبنه الأوسط – الجالس علي قدمى أمه – يوزع نظراته بين السيارات .. وبين الواقفين علي الكوبري .. المتطلعة وجوههم .. نحو النهر
كان هذا صوت إبنه الأكبر – والجالس بينه وبين زوجته – قبل إنطلاق الميكروباص ، رد بإقتضاب "لما نرّوح" ، وعاد مرة أخرى لتساؤلاته التي تؤرقه غير عابيء بصوت إبنه متذمراً " ماهو على طول بيقول كده ومش بيجيب حاجة " ، وهو ماكان يقوله لوالدته الجالسة بجواره ، كان كل ما يشغل تفكيره هو كيف سيتمكن من إنهاء هذا الشهر – المزدحم بالمناسبات – دون أن يمُد يده إلي الأصدقاء والأقارب ، قال لنفسه "أي عصير يتحدث عنه ذلك الأحمق ، ليته يكبر ويتعلم معنى المسئولية " ، نظر إلي وجه زوجته البائس وتذكر أحلامهما ، لعن الحكومة وفرص العمل ثم لعن الإنجاب ثم لعن نفسه ثم سكت ، سريعاً ما جاءه الحل عن طريق إبنه الأصغر - الواقف بين قدميه – والذي قال له " بابا .. خد " ووضع يده في جيبه ، ثم أخرجها وكأنه يطوي مبلغاً من المال .. لكنها كانت خاوية ، وضع اللاشيء بين يدي أبيه ، فأرتسمت علي وجه الأب إبتسامة وأمسك اللاشيء كأنه أمسك بذلك المبلغ ووضعه في جيبه ، وعندما إنحنى ليقبل رأس إبنه الأصغر لاحظ أن إبنه الأكبر قد بدا عليه النعاس وبدأ رأسه في الترنح ، فعدل من وضعها كي تتوسد كتف أمه ، التي كانت قد استسلمت للنوم هي الأخرى ، إرتسمت علي وجه الفتى إبتسامة زادت من راحة أبيه ثم راح في سبات عميق ، في الوقت الذي كان إبنه الأوسط – الجالس علي قدمى أمه – يوزع نظراته بين السيارات .. وبين الواقفين علي الكوبري .. المتطلعة وجوههم .. نحو النهر